زواج سيدنا موسى
قصة زواج موسى عليه السلام من زوجته هي قصة الفراسة والحياء، فلقد جاء النص القرآنى ووصف لنا طريقة السير التى كانت تمشى بها هذه الفتاة طريقة يملأها الحياء ودالة على حُسن الخُلق التى كانت تتمتع به هذه الفتاه المهذبة التى جزاها الله بحسن خلقها خير الجزاء بأن زوجها من نبيه وكليمه موسى عليه السلام.
هروب موسى إلى مدين
عندما اطمأن موسى بأنه خرج من حدود مصر بعد الحادثة التى حدثت معه والتى ضرب فيها القبطى بقبضة يده فمات وصل الى بلدة أخرى تسمى «مدين» تقع بالقرب من فلسطين حيث جلس يستظل تحت ظل شجرة بعد أيام من الفرارالمتواصل بلا ماء ولا طعام.
وبتدبير محض من الله عز وجل ، وباختياره سبحانه وتعالى إلتقى موسى فى طريق هروبه من مصر بفتاتين خجولتين تمسكان بأغنام لهما وتنتظران دورهما فى طابور طويل لسقاية هذه الأغنام، وتحاولان أن تمنعاها أن تفلت منهما بصعوبة شديدة وهما في ذلك تبذلان جهدا كبيرا لا قبل لهما به فهذه مهمة الرجال لا النساء وعندما وقع نظر موسى عليهما أثار ذلك دهشته ولم يستطع رغم شدة تعبه وإعيائه أن يترك الفتاتين هكذ فغلبت شهامة موسى على تعبه وتوجه فى أدب بالغ إلى الفتاتين فسألهما عن سبب وقوفهما هكذا كما يحكى النص القرآني:
«وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ»
وكانت على البئر الذى يتجمع الناس حوله للسقاية صخرة كبيرة لايقوى على زحزحتها إلا عشرة من الرجال فرفعها موسى وحده؛ فسقى للفتاتين وسقى الأغنام وأمسك بزمامها ومشى بها حتى أوصلها إلى بيت الفتاتين ثم جلس تحت ظل شجرة وناجى ربه قائلا: «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير».
فسمعته إحدى الفتاتين التى رثت لحال ذلك الفتى الشهم، وأرادت أن تساعده كما ساعدهما؛ فذهبت لتحكي لأبيها ماحدث فكانت سمة الفتاة الصراحة مع أبيها وسمة الأب مع ابنته الثقة ويُقال إن هذا الأب كان رجلاً صالحاً.
وقالت الفتاة لأبيها: «يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين»
فقال الأب الصالح لإبنته :
أما القوى فقد عرفناها، فمن أين لك بمعرفة صفة «الأمين» عند هذا الفتى يا ابنتى؟ فأجابت الفتاة اباها قائلة :«عندما أمسك الفتى بزمام الأغنام ياأبتى؛ كان يمشى وراءنا وكنا نسبقه، فلما أتت رياح خشى أن يتتبعنا ببصره فطلب منا أن يتقدمنا وأن نرمى إليه بالأحجار حتى ندله على الطريق، فأعجب الأب بأمانة ذلك الفتى وأدبه، وأمر ابنته أن تناديه.وتخرج الفتاة إلى موسى تسير فى مشية مدحها الله عز وجل فيقول تعالى فى كتابه الكريم:
«فجاءته إحداهما تمشي على إستحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ماسقيت لنا»
الأب البصير
زواج موسى من عروس الحياء:
أُعجب موسى بحياء الفتاة وبحسن تربية أبيها لها ولكنه كتم إعجابه فى صدره حتى روى قصته للأب الصالح الذى تأكد من خُلق موسى وعلم أنه من خيرة الرجال فعرض عليه الزواج من إحدى ابنتيه ولم يتردد فقد كان أباً بصيراً عالماً بمعادن الرجال وكان أباً ذكياً لم يجعل الفرصة تفوته ويضيع من أمامه رجل بخلق وأمانة وقوة الفتى موسى.
أما موسى فقد اختار الفتاة التى جاءته تمشى بحياء وأدب فكافأها الله على حُسن خُلقها وحيائها وزوجها الفتى موسى الذى سيصبح كليم الله.
وكان الأب الحكيم يعلم أن موسى الفتى ليس لديه من المال مايستطيع ان يتزوج به فجعل مهر ابنته أن يعمل موسى فى مزرعتة ثمانى أو عشر سنوات وخيَره فاختار موسى أن يتم العشر سنوات.
وتزوج موسى الفتى الذى سيصبح نبياً فيما بعد؛ وكانت عروس الحياء التي زُفت إلى كليم الله
وذلك بحكمة والد زوجته ذلك الرجل الصالح الذي جعل مهر إبنته مساعدته ثماني أو عشر سنوات فاختار موسى أكملها.وكما يقول ربنا سبحانه وتعالى «الطيبون للطيبات».