قصة ماكينة الصرافة عبرة وعظة |
زحام من النعم
يقول صاحب القصة قضيت اكثر من ساعة وانا ادور بالسيارة بحثا عن ماكينة صرافة خالية من الزحام لكى اصرف بعض النقود ولكنى كلما وجدت احدى الماكينات فاما ان تكون معطلة او ان الزحام عليها شديد
شعرت بملل وارهاق شديدين من كثرة البحث الى ان وجدت واحدة فى مكان متطرف بعض الشئ وكان الزحام عليها قليلا الى حد ما فقررت ان اقف فى الطابور .. وبالفعل وقفت ..
كان الرجل الذى يقف امامى فى الطابور رجلا فى العقد الخامس من العمر تقريبا .. وكان يبدو من هيئته انه من الطبقة الفقيرة المطحونة .. كان الرجل يتصبب عرقا وجسمه ينتفض بشدة بالرغم من ان الجو ليس حارا ..ولكنى فى التهاية لم اعر الامر اهتماما .
بعد قليل من الوقت التفت الى الرجل قائلا هل يمكنك ان تحجز لى مكانى امامك فى الطابور فانا متعب واخشى ان خرجت من الطابور كى استريح قليلا ان يضيع على الدور ..
فقلت له تفضل بالطبع ومكانك محجوز فلا تقلق
جلس الرجل على الرصيف بجوار الطابور وبدا يجفف عرقه الغزير ثم رفع يديه للسماء قائلا يارب بحق حبيبك المصطفى خذ بيدى فانا لا اريد ان امرض اليوم بالذات خذ بيدى يارب حتى الغد فقط ثم افعل بى ما تريد
كان الرجل يدعوا الله بتوسل شديد حتى كادت ان تفر من عينيه الدموع
فاقتربت منه وسالته .. هل انت بخير ؟
فقال الرجل .. الحمد لله انا فى زحام من النعم ..
فقلت له يبدو انك متعب لماذا لا تذهب الى الطبيب
فامتلات عين الرجل بالدموع وهو يقول ليس بامكانى الذهاب للطبيب يا سيدى فالمرض رفاهية لا يملكها من هو مثلى .
فزوجتى متوفية من 8 سنوات وعندى اربع من الاولاد اكبرهم فى الجامعة وقد وعدته اننى ساتقاضى مرتبى اليوم وساذهب اليه فى الجامعة لاعطيه مصاريف الجامعة المتاخرة
والثلاثة الباقين فى المرحلتين الثانوية والاعدادية وامى اكرمها الله كانت ترعى ابنائى بعد وفاة زوجتى لكنها اصبحت هى الاخرى مريضة فاصبحت ارعاها هى واولادى
وانا موظف صغير اتقاضى مرتبا ضعيفا لا يكاد يكفى حتى منتصف الشهر واعمل عملا اضافيا اخر فى مطعم لتوصيل الطلبات بمبلغ بسيط حيث اننى لا اعمل بدوام كامل ..
كل هذا ولا استطيع ان اوفر مصاريف البيت ودروس الاولاد وعلاج والدتى المريضة ..
كما ان صاحب المنزل الذى اسكن به قد هددنى بالطرد ورميى انا واولادى وامى وعفشى فى الشارع لولا توسلاتى وتدخل بعض الجيران لتاخرى فى دفع الايجار وقد اعطانى مهلة لدفع نصف المتاخرات تنتهى اليوم ..
انا وقفت مذهولا امام هذا الرجل الصامد بما يحمله من عبئ تنوء به الجبال
فكيف يكون عنده كل هذا ويقول انا فى زحام من النعم ...
وانا املك ظروفا افضل منه الف مرة ومع ذلك اشعر بالضجر والضيق ..
شعرت ان هذا الرجل قد افاقنى واعطانى لطمة قوية على وجهى وقال لى انت جاحد بنعم ربك عليك .
المهم بعد ان صرفت النقود اخذته الى المستشفى بعد محايلات منى واصررت ان ابقى معه حتى ينتهى من الكشف عليه واوصلته الى بيته
كى اتفاجا بمفاجاة اكبر فوالدته فى الثمانين من عمرها سيدة كفيفة وراقدة على فراش الموت وكل كلامها حمدا لله على نعمه وواسع فضله
فنظرت حولى لارى واسع فضل الله الذى تشكره عليه فلم اجد سوى بيت قديم متهالك قد اكل عليه الدهر وشرب جدرانه تملاها الرطوبة
واثاثه عبارة عن سريرين وخزانة ملابس وكنبتين بارجل مهترئة لا تقوى على حملهمها وحصيرة من الخوص متاكلة من جميع النواحى..
وبينما انا انظر حولى اذا بصاحب المنزل يدق الباب وقد صدق الرجل فيما قاله فالرجل يريد امواله ودخل يصيح ويهدد ويتوعد بطرد الرجل واسرته
من المنزل ..
وبعد تدخل منى ورفض من الرجل المحترم الذى علمنى درسا لن انساه طيلة حياتى فقد كان رافضا بشدة ان ادفع لصاحب المنزل اى شئ من التقود المتاخرة عليه ولكنى دفعت المال لصاحب المنزل ودفعت ايجار سنة مقدما واخذت ايصلات سداد الايجار واعطيتهم له ..
ظل الرجل يبكى كالاطفال وهو يردد من اين اتيت لى .. لقد بقيت طول الليل مستقيظا اصلى وادعو الله ان يسترنى ولا يفضحنى امام اولادى وجيرانى فى الشارع ..
فقلت له لقد عطل الله لك اربع ماكينات صرافة وازحم ستة ماكينات اخرىات كى يرسلنى اليك ..وارسلك انت لى كى اتعلم منك كيف اتادب مع الله فى ابتلائى .
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..