مذكرات مزواج




مذكرات مزواج
مذكرات مزواج


من مذكرات مزواج

يراقب المارة من داخل دكانه ، لفتت انتباههُ وهي تتجول فوق

أرصفه الشارع ، تتصفح واجهات المتاجر والوجوه ، تبتسم

أحياناً لكلمات الغزل ، تخفي بريق عينيها و ورد الخدود خلف

" اليشمك " يتمني أن تكون صفحة في كتابه ، ظل يراقبها حتى

دخلت دكانه ، استقبلها مستبشراً

: أهلا وسهلاَ ، طلباتك أوامر يا ست هانم !!

: " ما تبقاش حامي كده !؟ "

أخرجت رأسها من تحت ملاءتها اللَّف ، ثم رفعت برقعها وطرحته 

خلف ظهرها ، بدت لعينيه الخدود المتوهجة ، أزاحت ملاءتها قليلاً

إلي الوراء وكشفت عن صدر مرمري قلق لا يهدأ 

سألته بدلال : "عندك ستان حمصي وحرير بمبي "

مد يديه وتناول لفائف القماش من علي أرففها ، فرد أطرافها وقذفها

في الهواء كأجنحة طير منهوك القوي ، حط برفق علي رأس المرأة

ثم انزلق بنعومة علي الوجنات ، نام القماش علي صدر قلق لا يستقر 

علي حال ،مدت يدها تختبر ملمسه الناعم ، رفعت طرف الحرير واختبرت 

بأسنانها متانة النسيج ، توارت ملاءتها قليلاً ، فظهرت بعض المفاتن ، 

اتسعت حدقة الرجل واحتار ما بين مفرق الصدر والشعر ، مد يده من 

تحت طيات القماش ليظهر لها محاسن بضاعته ، تلامست الأنامل ،

فسرت قشعريرة في جسديهما وتلاقت العيون في لمحة خاطفة ، 

ارتجفت المرأة خجلاً من نظرة الرجل الوقحة 

سألته هاربة :" بكم متر الستان يا حاج " 

: لو نال الرضا 00 يبقي عربون محبة 

:" مش كل الطير اللِّي يتَّاكلْ لحمه "

: أنا قصدي شريف علي سنة الله ورسوله .

جذبت برقعها من الخلف وغطت به نيران صفحة الوجه المتأججة .

خلع " طربوشه " وجفف العرق الذي سال ، رافقها حتى باب الوكالة

مودعاً بصوت مرتفع 

: شرفتي..  وآنستي 

ثم همس لها مستفسراً عن موقع وميعاد اللقاء 

:باكر في حمام النساء !!!

في الموعود المتفق عليه ، توجه بصحبة زوجته إلي حمامها المعتاد ،

تتبعهم الخادمة ، انتظر بالخارج يراقب الباب والشوارع،

ربما تصل المرأة التي وعدته بالأمس ، لفت انتباهه 

خروج الخادمة مبكراً .

استوقفها مستفسراً ،

أخبرته لشراء العطر ولوازم الاستحمام من عم " عنتر " 

لم يعر للاسم اهتماماً ، تركها تمضي لحال سبيلها ، فقد كان كل همه

رؤية المرأة التي ينتظرها ّّ

خرجت زوجته من حمامها وكأنها عروس في ليلة زفافها ، راقت في 

عينيه ، حثها علي سرعة السير ، لا يدري كيف وقعت منه في الوحل !!؟ 

هرعت امرأة منقبة لمعاونة الزوجة في النهوض من سقطتها ، لم يري من 

ملامح وجها إلا عيون لامعة خلف النقاب ،

قال بداخله " ربما هي التى أحدثت بركة الماء أمام منزلها وتريد أن تكفر 

عن فعلتها بمساعدة زوجتي ؟ "

لم يعترض عندما دعت زوجته للدخول معها للاغتسال من أثر الوقعة ، 

قبل أن تدخل الزوجة أمرت الخادمة أن تحضر لها ثياب أخري 

من دارهم القريبة ، 

ثم همست لزوجها ضاحكة ، أن ينتظرها بجوار الباب ،

جلس الرجل علي جمر نار القلق ، تارة ينظر إلي عرض الشارع وتارة

أخري ينظر إلي شرفة المنزل ، يغلي الدم في عروقه كلما رأي ملابس زوجته 

الداخلية ترفرف في الهواء ،

يصرخ : " بسرعة شويه يا هانم  !!؟ "

بينما كان يكابد هواجسه ،وإذا بالمرأة التي وعدته بالأمس تقبل عليه ، 

حاول الابتسام لها ، لم تطاوعه قسمات وجهه ،

،


داعبته ساخرة : حمام العافية يا حاج ،

تلعثمت الحروف في حلقه ، همهم لها بكلمات غير مفهومة ثم تابع

انصرافها بحسرة العاشق الملهوف ، قبل أن تغيب عن بصره ، رأي

خادمة زوجته مقبلة بالثياب المطلوبة ، الخادمة تحاول دخول المنزل ،

بابه مغلق من الداخل ّ

نادت بصوت مرتفع 

: " يا عم عنتر 00 يا عم عنتر "

انتفض الزوج كمن لدغه عقرب ، قبض علي عنق الخادمة 

وهزها بعنف ثم صاح بأعلي صوت

:" عنتر مين يا بنت الكلـ  " 

: " المواردى  بتاع العطر يا سيدي "

التقط الزوج طربوشه من بركة الطين ، مسحه بكم قفطانه ومضي 

عائداً إلي دكانه، فتح بابه ، واتجه صوب خزانة أسراره ، أخرج 

منها كتاب ذكرياته ، قبل أن يقلب صفحاته وإذا بالمرأة التي تمناها

بالأمس تخاطبه من خلف برقعها 

: كتبت الحكاية في دفتر النسوان !

التفت نحوها غاضباً ، لم يجد لها اثر ، خيل إليه أنها في طريقها للخروج 

من دكانه ، سار خلف طيفها يمزق صفحات كتابه .. ورقة .. ورقة .
google-playkhamsatmostaqltradent